إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
فتاوى الصيام
134536 مشاهدة
تقبيل رأس الإمام الشاب

س180: بعض الأئمة ممن رزقهم الله صوتا حسنا ورقة وخشوعا في القراءة، خصوصا من الشباب، لوحظ أن تقدير الناس لهم والثناء عليهم تجاوز حد الاعتدال، بل وصل الأمر أن يقوم الشيخ المسن بتقبيل رأس هذا الإمام الشاب فما مدى موافقة ذلك للشرع؟ وهل لكم من توجيه لهؤلاء المأمومين أن لا يبالغوا في المدح والثناء؟ وهل من نصيحة للأئمة لينجوا من حبائل الشيطان وكيده؟
الجواب: إذا كان هذا الصوت طبيعة وجبلة فلا مانع من ذلك، لكن على الإمام أن لا يبالغ إلى حد فيه شيء من التكلف الذي يخرجه عن حد الاعتدال، بل عليه أن يقرأ كما علمه الله، ويلزمه الإخلاص في قراءته وإصلاح النية، بأن يريد وجه الله والدار الآخرة، ولا يكون قصد الشهرة وانتشار الخبر عنه على ألسن الناس، كما أن عليه التواضع وتصغير نفسه واحتقار عمله، بأن لا يرى نفسه أهلا للتوقير ولا للاحترام، وعليه أن يمنع من يغلو فيه أو يعامله بما لا يستحقه، كما أن على المأمومين أن لا يصلوا به إلى حد التعظيم والتبجيل.
ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في غاية التواضع، وحث الصحابة على أن لا يرفعوه فوق منزلته التي أنزله الله فيها، كما روي عنه أنه قال: إنما أنا عبد، أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد رواه أبو يعلى برقم 4920، عن عائشة مطولا، وحسن الهيثمي في المجمع 19\9 إسناده
وروي عنه أنه قال: إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد رواه الطبراني بهما في مجمع الزوائد (9\ 20)
كما أن الواجب على العامة أن لا يبالغوا في هذا الاحترام والتوقير؛ لما فيه من الغلو الذي يخشى معه الغرور والإعجاب بالنفس، ومع ذلك فإن محبة المؤمنين بعضهم لبعض متأكدة لأجل الإيمان والعمل الصالح، ولكن أثر المحبة في ذات الله الاقتداء بالصالحين واتباع آثارهم والانتفاع بإرشادهم، ومعلوم أن كل عبد صالح مخلص لله تجب محبته على إخوانه، وأن الصغير عليه أن يحترم من هو أسن منه، وقد ورد في الحديث: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه رواه أبو داود في الأدب باب: تنزيل الناس منازلهم إلخ، ولكن لا يتوقف الإجلال على تقبيل الأيدي والأرجل ونحو ذلك، وإنما يتمثل في السلام والاحترام والتقديم والتوقير ونحوه. والله أعلم.